أخر الاخبار

ما هو سبب التوتر والقلق

التفسير العلمي للتوتر

التوتر هو الاستجابة الفسيولوجية التي تثيرها المثيرات الخارجيـة وقد تكون المثيرات نفسية وفسيولوجية في وقت واحد، وقد يكون التوتر طويل الأمد أو قصير الأمد، وبغض النظر عن الطريقة التي نتحدث بها عن التوتر فهو ليس مجرد شعور ينتابنا إذ يمكن له أن يؤثر في الحالة النفسية والجسمانية للشخص، ونحن عندمـا ننظـر إلى التوتر نظن أنـه مساو للقلق ولكنه يحمل معنى أكبر من هذا كثيرا، ولا يلـزم أن يكون التوتر أمـرا سيئًا في جميع الأحيان، وهناك نوعان من التوتر هما: التوتر السلبي وينشأ عن الأمور السلبية والتوتر الإيجابي وينشأ عن الأمور الإيجابية.

التوتر السلبي: ينشأ عند حدوث أمور سلبية كالتوتر الذي يحدث عند وفاة شخص محبوب أو التعرض للأذى أو فقدان العمل.

التوتر الإيجابي: ينشأ عند حدوث أمور إيجابية كمشاهدة أحد أفلام الرعب أو ركوب قطار الملاهي أو الحصول على ترقية في العمل.


استجابة الكر والفر

في العشرينيات من القرن العشرين قـدم عالم النفس الأمريكي والتر كانون نظرية عـن الطريقة التي تتعامل بها الحيوانات مع التوثر بناء على السلوك، وقـد أطلق على هذه النظرية نظرية استجابة الكر والفر وتعـرف أيضا بالتوتر النفسي الحاد.

ووفقـا ل كانـون فإن هناك استجابة نفسية وفسيولوجية يتم تحفيزها لدى الحيوان عند تعرضه للتوتر الحاد ( حتى لو كان ذلك التوتر غير حقيقي)، حيث يتـم إفراز عدد من المواد الكيميائية في الجسم بصورة مفاجئة وتشمل تلك المواد الأدرينالين والنور إبينفرين والكورتيزول؛ الأمر يعمل على زيادة معدل ضربات القلب وزيادة معدل التنفس وشد العضلات وانقباض الأوعية الدموية، مـا يـؤدي إلى توليـد الطاقة اللازمة للاستجابة عن طريق الكر والفـر وهذه الاستجابة اللاإراديـة تحددها ثلاثة أجهزة في الجسم وهي: الجهاز المناعي، وجهاز الغدد الصماء، والجهاز العصبي المركزي.

تجربة هانز سيلى على الفئران

Jean-Paul Rioux, CC BY-SA 4.0, via Wikimedia Commons
في عام 1936 تحدث العالم المجري هانز سيلي للمرة الأولى عن تأثير التوتر فـي الجسم، وقد وضع نظرية تقول إن التوتر المستمر يحدث تغيرات كيميائية في الجسم على المدى الطويل ما يجعله سببا واضحا للإصابة بالأمراض.

وقد استنتج سيلي هذا الأمر في أثناء اختباره الفئران مع مساعدة في قسم الكيمياء الحيوية في جامعة مكجيل، حيث كان يجـري تجربة على الفئران يقوم فيهـا بحقنها بمستخلص المبايض على أمل اكتشاف تفاعل يؤدي إلى نوع جديد من الهرمونات الجنسية.
وتمثلت الاستجابة التي ظهرت على الفئران في تضخم الطحـال والعدة الصعتريـة والعقد الليمفاوية والقشرة الكظرية، كما أصيبت الفئران بقرحة نزفية شديدة فـي الاثني عشر وبطانة المعدة، وكانت هذه الاستجابات تزيد وتنقص مـع تعديله كمية المستخلص الذي كان يحقن به الفتـران، وفي حين هـانـز كان متأثرا باكتشافه هرمونا جديدا فإنه أعاد التجربة باستخدام مستخلص المشيمـة ومستخلص الغدة النخامية ولكنه فوجئ بـأن استجابة الفئران لم تتغير.

وبينما ظل يرى أنه يتعامل مع نوع جديد من الهرمونات أعاد التجربة مرة أخرى باستخدام العديد من المستخلصات العضوية بما فيها الكلية والطحـال ولكـن الاستجابة كانت واحدة في جميع الأحوال، ولكـن سيل قام بمحاولة أخيرة بعد تلك النتائج التي أحدثت له ارتباكا حيث قام بحقن الفئران بمركب الفورمالدهيد (مركب عضوي)، بيد أن النتائج ظلت كما هي.

متلازمة التكيف العام لدى هانز سيلي

بعد أن اعتبـر هـانـز سيلـي أن تجاربه على الفئران قد باءت بالفشل (نظرا إلى عدم اكتشافه هرمونـا جديدا في نهاية المطاف) بدأ ينظـر إلى الأسباب المحتملة للأعراض التي اكتشفهـا، وبعد عدة أعوام تذكر إحـدى التجارب التي مرت به عندمـا كان يدرس الطب في مدينـة براج حيث كان المرضى يشتكون مشكلات في الأمعاء بالإضافة إلى الآلام والأوجاع العامة، وبعد فحص المرضي تبين أنهم كانوا يعانون أيضا الحمي وتضخم الكبد أو الطحال والطفح الجلدي والتهاب اللوزتين، واستغرق الأمـر وقتا إلى أن بدأت تظهر الأعراض المرتبطة بمرض معين.

وقـد أصبح سيلي مفتونا بفكـرة يتبعها الأطباء، حيث يطلبون من المرضى أن يمارسوا عادات علاجية معينة، بغض النظر عن طبيعة المرض الذي يعانونه، وتشمـل تـلـك العادات العلاجية الراحة وتناول الأطعمة سهلة الهضم، وتجنب
الوجود في الغرف التي تتغير درجة حرارتها باستمرار.

وتوصل هانز سيلي إلى تحديد ما يعرف بمتلازمة التكيف العام من خلال تجاربـه التـي أجراها على الفئران، وذكرياته عـن أيام دراسته في كلية الطب وهذه المتلازمة تصف استجابات الجسم تجاه التوتر، ويرى سيلي أن متلازمة التكيف العام يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل:

1- رد الفعل التحذيري: حيث يؤدي الأمر المسبب للتوتر أو المثير الخارجي إلى إعاقة التـوازن الداخلي ويبدأ الجسم أولا إدراك هذا المثير الخارجي، وفي هذه المرحلة يبـدأ عمل استجابة الكر و الفـر لـ كانون ويتـم إفراز الهرمونات لإمداد الفرد بالطاقة اللازمة للتعامل مع الموقف الحالي.
واذا بقيـت الطاقـة التـي تـم إطلاقهـا بفعل استجابة الكر والفر دون استخدام فترة طويلة بسبب نقص النشاط الجسماني، فإنها قد تخلف أثارا ضارة بالجسم في وجـود كمية كبيرة من هرمون الكورتيزول على سبيل المثـال قد تؤدي إلـى تلف أنسجة العضلات والخلايا، بـل إنها قد تؤدي أيضا إلى تقرحات بالمعـدة وارتفاع في مستويات سكر الدم والسكتة الدماغية، كما أن وجود كميات كبيرة من الأدرينالين في داخل الجسم قد تؤدي إلى تلف الأوعية الدموية الموجودة في المخ والقلب، ما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الأزمة القلبية.

2- التكيف: حيث يبدأ الجسم مقاومة المؤثر الخارجي واستعادة التوازن الداخلي من خلال عمليات التعافي والتجديد والإصلاح، وتعرف هذه العملية بالمقاومة وتحدث فور بدء مرحلة التحذير وتستمر إلى حين انتهاء الحالة المسببة للتوتر، ويظل الجسم في حالة من الاستثارة ما دامت الحالة المسببة للتوتر قائمة.
وتبدأ المشكلات عندما تتكرر هـذه العملية بشكل متزايـد ما يقلل منفرص التعافي، ومن ثم ينتقل الفرد إلى المرحلة التالية. 

3- الإنهاك: ويصل الفرد إلى هذه المرحلة عندمـا يستنفـد الجسم طاقته الجسدية والنفسية اللازمة لمقاومة التوتر، وهذا الأمر ينطبق على التوتر المزمن على وجه التحديد؛ لأن الفرد عندما يقاوم التوترات قصيرة الأمد لا تستنفد طاقته كاملة فعندما تستنفد الطاقة يعجز الفـرد عن مقاومة التوترات.



ومن ثـم تزيد حالة التوتر وتبقى مستوياتهـا مرتفعة، وقد يصاب الفرد بخمـول في الغدة الكظرية أو الإنهاك الشديد أو سوء التكيف أو العبء الزائد أو اختلال الوظائف، كما أن الآثار التي يخلفها التوتر المزمن بالجسم والعقـل آثار قوية للغاية، فقد يؤدي التوتر المزمـن إلى تلف الخلايا العصبية الموجودة في الأنسجـة والأعضاء الداخلية وإعاقة قدرات التفكير والذاكرة، كمـا يجعل الفـرد أكثر عرضة للإصابة بالقلـق أو الاكتئاب، ويمكن لارتفاع مستويات التوتر أن يسهم في الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.











تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق