أخر الاخبار

تجربة لي روس.. تأثير الإجماع والتفرد الخاطئ

Image by Grae Dickason from Pixabay
ان تأثير الإجماع الخاطئ عبارة عن ظاهرة يميل فيها الفرد إلى اعتقاد أن أراءه ومعتقداتـه هي نفسها الآراء والمعتقدات السائدة لدى الجميع، وعند حدوث تأثير التفرد الخاطئ يقلل الفرد من أهمية قدراته وسماته ومدى قبولها من الجميع، وهـذان التأثيـران هـمـا مثالان للتحيـزات المعرفية، وهي عبارة عـن أخطاء في التقدير يحدثها العقل؛ كي يمكن الدماغ من معالجة المعلومات بمعدل أسرع.

تجارب تأثير الإجماع الخاطئ عند لي روس

في حين أن هناك القليل من الأدلة التجريبية التي توضح تأثير التفرد الخاطئ بشكل عملي، هناك أعمال موضوعية وأساسية فيما يتعلق بتأثير التوافق الخاطئ فضـي عـام 1977، ابتكر لـي روس الأستـاذ في جامعة ستانفورد سلسلة من التجارب للنظر إلى كيفية عمل تأثير الإجماع الخاطئ.

الدراسة الأولى لـ  لي روس

بدأ روس تجربته الأولى بأن جعل مجموعة من المشاركين تقرأ عن بعض المواقف التي تحتوي على شكل من أشكال التناقض، ثم قدم إلى هذه المجموعة طريقتين للاستجابة للموقف وطلب منهم أن يفعلوا ثلاثة أشياء، وهي:
  1. تخمين الخيار الذي سيختاره بقية أفراد المجموعة
  2. أن يذكروا الخيار الذي اختاروه
  3. تقديم وصف لسمات وخصائص الشخص الذي قـد يختار الخيار الأول والشخص الذي قد يختار الخيار الثاني

وقد أظهرت نتائج تلك التجربة أن أغلبية أفراد المجموعة كانوا يعتقدون أن بقية زملائهـم سوف يختارون الخيـار نفسه الذي اختاروه، ما يثبت صحة الإجماع الخاطئ.
ومـن المثير للاهتمام استجابة المشاركين في الجزء الثالث من التجربة، حيث كانت السمـات والشخصيات التي وصفوا بهـا الأشخاص الذين اختاروا اختيارا مخالفا لهم مبالغا فيها إلى حد كبير، وفي حقيقة الأمر قد كان تفكيرهم منعكسا في هذه المقولة: "إذا لم توافقني فيما أقول، فأنت مخطئ حتما".

الدراسة الثانية لـ روس

وفـي الدراسة الثانية لـ روس طلب من مجموعة جديدة من المشاركين أن يخرجوا للتنزه طوعا مدة ثلاثين دقيقة حول حرم الجامعة، مع حمل لوحة مكتوب عليهـا (تناول طعامك في مطاعم جو)، وأخبرهم روس بأنهم سيتعلمون شيئا مفيدا في نهاية التجربة وكان ذلك تحفيزا لهم، وأخبرهم أيضا بأنهم يمكنهم أن يرفضوا المشاركة إذا أرادوا، ثم طرح عليهم الأسئلة نفسها التي كان قد طرحها في الدراسة الأولى.
وكانت النتيجة هي اعتقـاد 62 % ممن وافقوا على المشاركة في التجربة أن الآخريـن سـوف يفعلون مثلهم، بينما اعتقد 33 % ممن لـم يحملوا تلك اللوحة أن الآخرين سوف يحملونها، وقد أكدت الدراسة الثانية لـ روس النتائج التي توصلت إليها الدراسة الأولى، كما كانت تنبؤات المشاركين فيها عن شخصية من يختارون إجابة مخالفة مبالغا فيها أيضا، كما كانت الحال في الدراسة الأولى.

تأثير تجارب روس

وقد تمكن لي روس مـن أن يثبت بنجاح وجود تأثير الإجماع الخاطئ، وأن يبين أن الفرد لديه ميل إلى اعتقاد أن الآخرين سيتخذون قراراتهم بناء على الطريقة التي يتخذ بها قراراته، كما بين روس أيضا أنه إذا قام شخص آخر باتخاذ قرار مخالف لما يختاره هو، فإنه ينظر إلى ذلك الشخص نظرة سلبية ويراه مخطئا أو غير مقبول.

إثبات التفرد الخاطئ

ومع قلة الأدلة العلمية التي تثبت وجود التفرد الخاطئ، قام كل (من جيري سولس) و (تشوي كيه وان) و(جلين إس ساندرز) عام 1988 بنشر مقالة تتناول ظاهرة التفرد الخاطي في ضوء رؤية الفرد سلوكه الصحي.

ولإجراء التجربة جرى استخدام مجموعة من الرجال في سـن الجامعة، وكانت الفرضية الأولى هي أن تأثير الإجماع الخاطئ سيحدث عندما ينظر الفرد إلى سلوكياته الصحية ( مثل ممارسة التمارين الرياضية) باعتبارها موجودة لدى من يمارسون السلوكيات السليمة بالمثل، ثم افترضوا بعد ذلك أن الأشخاص الذين كان سلوكهم غير مرغوب فيه ( مثل عدم ممارسة التمارين) سيبالغون في تقدير عدد الأشخاص الذين وافقوهم في ذلك السلوك، وأن الأشخاص الذين كان سلوكهم مرغوبا ( أي من قاموا بممارسة التمارين) سوف يكون تقديرهم عدد الأشخاص الذين تصرفوا على هذا النحو منخفضا.

وقد توصلت نتائج تجربتهـم إلى أدلة قوية تؤيد الفرضيتين الأوليين، كما توصلت إلى بعض الأدلة التي تؤيـد الفرضية الثالثـة، ويعتقد أن الأفراد الذين أظهروا السلوك غير المرغوب يقاومون أي نوع التدخل ولا يمارسون السلوك السليم، وذلك من خلال المبالغة في تقدير عدد من يوافقونهم في السلوك نفس،. وأن البعض ربمـا كانـوا يعتقدون وجود عدة مخاطر صحية، يشتمل عليها ذلك السلوك السليم، وعلى الرغم من أن تلك النتائج تشكل بدرجة ما دليلا على وجود تأثير التفرد الخاطئ، فإن الأمر ما زال يحتاج إلى مزيد من البحث.

ويمكن أن يكون للتحيز الناشئ عن تأثير الإجماع الخاطئ تأثير كبير على المجتمع، كما يمكن أيضا أن تكون له تطبيقات علمية، وتعد وجهات النظر السلبية لدى المتعصبين والمتشددين السياسيين أحد أكثر الأمثلة المذهلة لتأثير الإجماع الخاطئ، ففي حين أنهم لا يرون أن أغلبية الناس تؤيد أفكارهم يبالغون في تقديرأعداد من يوافقونهم ما يشوه رؤيتهم للعالم المحيط بهم.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق