سيرته الذاتية
مراحل تطور النمو النفسي الجنسي
تعد نظريـة فرويد عـن النمو النفسي الجنسي واحدة من أشهـر نظريات علم النفس وأكثرها جدلاً، فقد اعتقد فرويد أن الشخصية في الجزء الأكبر منها تترسـخ عـنـد بـلـوغ السادسة من العمـر، وذلك بعـد اكتمال سلسلة من المراحل المتتابعـة بنجاح وهـذا النجاح يؤدي إلى الشخصية السوية، اما الفشل في تلك المراحل فقد يؤدي إلى شخصية غير سوية.
واعتقـد فرويد أن تسلسل تلك المراحل يعتمد على مناطق مثيرة للشهوة الجنسيـة فـي الجسـم (وهي أجـزاء حساسة في الجسم تثير اللذة الجنسية والرغبة، والتحفيز ) وإذا فشل الطفل في إكمال إحدى تلك المراحل، فإن اهتمامه ينصب على تلك المنطقة الجنسية ما يجعل الشخص يهتم بالانغماس في تلك الملذات، أولا يهتم بها عند بلوغه سن الرشد.
حيـث يكـون فم الطفل هـو موضع اللذة مثـل استخدامه المص لأنه يخلق شعـورا بالارتياح والثقة، وإذا كان هناك إفراط فـي الإشباع خلال هذه المرحلة أو نقص فيه، فإن شخصية الطفل ستكون فموية أو شخصية مرتكزة على الفم، ويصبـح مشغولا بالسلوكيات المتعلقة بالفم.
ووفقا ل فرويد فـإن من يمتلكون هذه الشخصية غالبا ما يعضون أظافرهم أو يدخنون أو يشربون الكحوليات أو يسرفون في تناول الطعام، كما أنهم يتسمون بالسذاجة ويعتمدون على الآخرين ودائما ما يكونون أتباعا لغيرهم.
والمكافات مع تدريب الطفل على استخدام المرحاض وتركه يشعر بالقدرة على النجاح، فهذا السلوك من شأنه أن ينمي لدى الطفل الشخصية القادرة والمبدعة فيصبح في حياته اللاحقة، ويرى فرويد أن الوالدين إذا تعاملا مع الطفل بتساهل شديد خلال تدريبه على استخدام المرحاض، فإن ذلك قد يجعل شخصيته اندفاعية الطفل مولعا بالتخريب وعدم الاهتمام بالنظافة والإسراف، أما إذا كان أسلوب الوالدين شديد القسوة أو كانا يعمدان إلى إجبـار الطفل على استخدام المرحاض قبـل حاجته إليه، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى خلق شخصية الاستبقاء الشرجي ما يجعل الطفل مهووسا بالتفاصيل، والوصول إلى المثالية في كل شيء ومهووسا كذلك بالنظافة والقيادة.
وفي عام 1913 جاء (كارل يونج) بمصطلح (عقدة إليكترا)، ويشير إلى علاقة مماثلة تمر بها الفتاة مع أبيها، ولكن فرويد لم يوافق على هذا المفهوم، معتقدا أن الفتاة كانت في الحقيقة تمر بحالة تتمنى خلالها لو أنها كانت ذكرا.
ولقـد وجهت الانتقادات بالطبع إلى نظرية فرويد، فقـد صرف كل تركيزه إلى النمـو لدى الذكو كمـا أن أبحاثه لم تكن قائمة على سلوكيات الأطفال بل على روايات المرضى البالغين، كما أنه من الصعوبة بمكان قياس مدى دقة أفكار فرويد عن النمو النفسي الجنسي أو إخضاعها للاختبار، وذلك لطول المدة بيـن مـرحـلـة الطفولة الافتراضية "السبب"، وبلوغ مرحلة الرشـد، وهي المرحلة النهائية "الأثر".
النماذج البنوية للشخصية
يرى فرويد أن هناك عوامل مؤثرة أخـرى مهمة لفهم نمو الشخصية، وذلك إضافة إلى تصوراتـه عن النمـو النفسي الجنسي، ويحاول من خلال نموذجه البنيوي للشخصية أن يبين الطريقة التي يعمل بها العقل وذلك من خلال التمييز بيـن الأجـزاء الثلاثة التي تتألف منها الشخصية والعقل البشري، وهـي: الهو والأناء والأنا العليا.
وهـو جزء غريزي موجود لدى كل فرد منـذ ولادته وهو المسئول عن تلبية الحاجات الأساسية للطفـل، وقد زعـم فرويد أن الهو يعتمد على ما يعرف مبدأ اللذة، الذي يعني أن الهو يرغب في أي شيء يسبب له المتعة في الحاضرة، ويتجاهل العواقب المترتبة على ذلك أيا كانت فهو لا يولي أي شيء آخـر أي اعتبار ولا أي شخص قد يؤثر تحقيقه تلك اللذة فيه، وعلى سبيل المثال عندمـا يصـاب الطفل الرضيع بـأذى أو يرغب في تناول شيء مـا أو يحتاج إلى تغيير شيء ما أو يرغب ببساطة في جذب انتباه الآخرين إليه، فإن الهو يدفعه إلى البكاء إلى أن تلبي احتياجاته.
الأنا
وهـي الجانب التالي من الشخصية وينمو هـذا الجانب بصورة طبيعية على مدار الأعوام الثلاثة الأولى نتيجة تفاعل الطفل مع البيئة المحيطة به، وهذا ما حدا بـ فرويد إلى ادعاء أن الأنا تقوم على ما أشار إليه بـ"مبدأ الحقيقة" ، حيث تدرك الأنا أن هناك أشخاصا آخرين من حولنا لهم رغباتهم واحتياجاتهم ، وأن ذلك السلوك الاندفاعي والأناني من شأنه أن يؤدي حتما إلى إلحاق الأذى بهم ، ويكون عليهـا أن تفكر في مدى واقعية الظروف بينما تلبي احتياجات الهو، وعلى سبيل المثال يظهر تأكيد الأنا على نفسها عندما يتروى الطفل قبل أن يقدم على شيء غير مناسب؛لأنه يفهم العواقب السلبية التي ستحدث.
الأنا العليا
وتنمو عندما يبلغ الطفل سن الخامسة ويقترب من نهاية المرحلة القضيبية، ويتألف هذا الجزء من الأخلاق والمثل التي اكتسبناها وتلقيناها من والدينا ومن المجتمع، ويرى كثيرون أن الأنا العليا تساوي الضمير، حيث إن كلا المصطلحين يشير إلى جزء من شخصيتنا يحكم على تصرفاتنا، ويميز الصواب والخطأ منها.
ويرى فرويد أن الأنا لدى الشخص السوي تكون أقوى من الهو والأنا العليا، إذ يتسنى لها أن تقف على مدى واقعية الموقف مع تلبية احتياجات الهو، والتأكد من أنها لا تتعارض مع القيم التي تقوم عليها الأنا العليا، وإذا كانت الأنا العليا هي الأقـوى فسوف تكون الأخلاق الصارمـة هي المنطلق الذي ينطلق منه الشخص، أمـا إذا كان الهـو الأقوى فسوف يسعى الشخص نحو تحقيـق اللذة على حساب الأخلاقيات، ما قد يؤدي إلى وقـوع أذى شديد (كما في حالات الاغتصاب، حيث يختار المرء تحقيق اللذة على حساب الأخلاقيات، وهذا علامة على قوة الهو).
تصور فرويد عن النفس الإنسانية
يـرى فرويد أن مشاعرنـا، ومعتقداتنـا، ودوافعنـا، وعواطفنـا الكامنة كلها مدفونة في اللاوعي، ومن ثم فهي غير موجودة في الوعي، كمـا يرى أن كلا من الوعي واللاوعي تفصل بينهما مستويات من الوعـي المختلفة، ولكي نفهم نظرية فرويد بصورة أفضل، عليك أن تتخيل جبلا جليديا. حيـث ترمز المياه المحيطة بالجبل الجليدي إلى "اللاوعي"، وتشمل كل ما لا يدخـل فـي نطاق الوعي، وهي الأشياء التي لم نمر بها، ولا ندركها، ومن ثم فهي لا تشكل جزءا من شخصيتنا، أو تؤثر في تشكيلها بأية حال.
أمـا قمة الجبـل الجليدي فترمـز إلى الوعـي وهي ليست سوى جزء صغير مـن شخصيتنا، ومـن ثم فهي جزء مألوف لدينا، حيث إننـا لا نعرف سوى القليل عـن الأشياء التي تشكل شخصيتنا، ويحتـوي الوعي على الأفكار والتصوراته ويوجد العقل الباطن أو ما قبل الوعي تحت الوعي مباشرة، ويرمز إليه بقاعدة الجبل الجليدي.
وإذا تم تنبيه اللاوعي فإنه يمكن الوصول إليه، ولكنه ليس جزءا فعالاً من الوعي ويتطلب مشقة في تنبيهه، وتحتوي هذه المنطقة على أشياء مثل ذكريات الطفولة ورقم الهاتف القديم، واسم أحد الأصدقاء الذين كنت تعرفهم عندما كنت صغيـرا، وغير هذا مـن الأشياء الموجودة في أعماق الذاكرة، وهي المنطقة التي توجد فيها أيضا الأنا العليا.
وحيث إننـا لا ندرك سوى قمة ذلك الجبل، فـإن منطقة تكون كبيرة إلى حد لا يمكن تصوره وتتضمن الجوانب المدفونة، التي لا يمكن الوصول إليها مـن الشخصيـة، وفي تلك المنطقـة توجد أشياء مثـل التخوفات، والدوافع غير الأخلاقية والتجارب المخجلـة والاحتياجات الأنانية والأمنيات غير المنطقية، والرغبات الجنسية غير المقبولة، وقد يوجـد الهو أيضا في هـذه المنطقة، أما بالنسبة إلى الأنا فهي ليست مرتبطة بجزء محدد من جبل الجليد ، فهي قد توجد في الوعي وما قبل الوعي واللاوعي.
إن تأثير "سيجموند فرويد" على مجالي الطب النفسي وعلم النفس لا يمكن إنكاره، فقد أحدثت أفكاره تغييرا كاملا في الطريقة التي ينظر بها إلى الشخصية والجنس والذاكرة والعلاج النفسي. وقد ظل عالـم النفس الأكثر شهرة على الإطلاق مدة قرن كامل بعد أن بزغ نجمه في هذا المجال للمرة الأولى.