أخر الاخبار

سولومون آش.. قوة التأثير الأجتماعي

من هو سولومون آش؟

ولـد سولومون آش في الرابع عشر من سبتمبر عـام 1907 في مدينة وارسو في بولندا، حيث نشأ وترعرع في مدينة صغيرة تدعي (لوفيسز)، وعندما بلغ الثالثة عشرة من عمره رحلت أسرته إلى الولايات المتحدة في حـي لوار إيست سايد في مدينة مانهاتن، والتقي هناك بفتاة تدعي (فلورنس ميلر) والتي تزوجها فيما بعد وأنجبت له طلفهما الوحيد (بيتر).

 وحصل اش على درجة البكالوريوس مـن كلية مدينة نيويورك عام 1928، وبعدها التحق بجامعة كولومبيا، حيث درس علـى يـد (ماكس فيرتهايمر) وحصـل على الماجستير عـام 1930 ثم الدكتوراه عـام 1932، وعندهـا أصبح آش أستـاذا لعلم النفس في كليــة سـوارثمور، حيث مكث فيها تسعة عشر عاما وعمل مع زميله عالم النفس (ولفجانج كوهلر) أحد مؤسسي مدرسة علم النفس الجشتالتي.

وفـي خمسينيات القرن العشريـن حظي آش باهتمام واسـع بسبب أبحاثه في علم النفس الاجتماعي، وتجاربه الرائدة المعروفة بتجارب الامتثال للأغلبية، وبسبب هذه التجـارب أصبح محط الأنظار في المجال الأكاديمي، كما أن هذه التجـارب قد رسخت العديد من النظريات التي دامت فترة طويلة، وهي نظريات تتعلق بالتأثير الأجتماعي.

وقد عمل آش مديرا لمعهد الدراسات المعرفية في جامعة روتجرز تتعلق بالتأثير الاجتماعي، منذ عام 1966 حتى عام 1972، وفي عام 1979 عمل أستاذا شرفيا لعلم النفس في جامعة بنسلفانيا التي ك كان قد عمل بها أستاذا منذ سنة 1972 حتى سنة 1979. وقد توفي سولومون آش في العشرين من فبراير عام 1996 عن عمر يناهز الثمانية والثمانين عاما.

تجارب اش عن الامثال للأغلبية.

فـي عـام 1951، أجـرى سولومون أش تجربـة لفهم الضغوط الاجتماعية التي تمارسها الأغلبية، وامتثال الفرد لها، وهذه التجارب تعـد من أشهر تجارب علم النفس، ومن السهل إعادة إجرائها مرة أخرى.


  1. يشارك في التجربة أشخاص يتراوح عددهم بين ستة وثمانية أشخاص، على أن يكونوا جميعا شركاء، أو مساعدين على القيام بالتجربة باستثناء شخص واحد منهم سيخضع للاختبار بشكل حقيقي، ودون أن يخبره الباقون بأنهم مساعدو القائمين على التجربة، وينبغي أن يرى الشخص الخاضع للتجربة أولئك المساعدين باعتبارهم مشاركين فعليين فيها.
  2. سيكون هناك ثمانية عشر سؤالا مرئيا وبسيطا، على أن تكون إجابتها واضحة دائما. وسيجيب جميع المشاركين عن كل من هذه الأسئلة في حضور الجميع.
  3. اجعل جميع المشاركين يقفون في طابـور، على أن يكون الشخص الخاضع للاختبار في آخر الطابور، وعليك أن تقف وراءه، أو وراء الشخص الذي يقف وراءه؛ كي تتمكن من إعطائه الإجابة.
  4. اعرض على المشاركين بطاقة عليها خط، تشبـه البطاقة الموجودة على الجانب الأيسر في الرسم الموضح سلفا. ثم اظهر لهم البطاقة الموجودة إلى اليمين، التي توجد بها ثلاثة خطوط، مكتوبا عليها "أ"و"ب"و"ج".
  5. واجعل كل واحد من المشاركين يذكر بصوت مرتفع ايا من الخطوط الثلاثة هو الأقرب إلى الخط المرسوم في البطاقة الموجودة على الجانب الأيسر.
  6. ينبغي أن تكون الإجابتان الأولى والثانيـة صحيحتين؛ كي يشعر الشخص الخاضع للاختبار بالارتياح.
  7. عند إجابة السؤال الثالث يجيب جميع المساعدين الإجابة الخاطئة نفسها. 
  8. تكون الإجابات الخاطئة للمساعدين اثنتي عشرة إجابة من أصل ثماني عشرة. وتسمى هذه الإجابات الاثنتي عشرة بـ"المحاولات الحرجة".
  9. تهدف هذه التجربة إلى معرفة إن كان الشخص الخاضع للاختبار، سيجيب الإجابة نفسها التي أجابت بها المجموعة، حتى لو كانت إجابتها خاطئة أم لا.

نتائج التجربة.

مـن المثير للدهشة أن آش قد اكتشف أن هناك ما يربو على ثماني عشرة محاولة للإجابة، وأن هناك 75% من المشاركين قد أذعنوا ولو مرة واحدة على الأقل لإجابة المجموعة، التي كان من الواضح أنها إجابة خاطئة، واستنتج أش بعد تصفية تلك المحاولات أن هناك 32% من المشاركين امتثلوا للمجموعة، وقد يكتبون الإجابة التي يرون أنها صحيحة كي يتأكد أنهم يفهمون على وجه الدقة طول الخطـوط، فكانت النتيجة هي أن نسبـة اختيارهم الإجابة الصحيحـة بلغت 98% . وكانت هذه النسبة المئوية أعلى من النسبة السابقة، لأن جعلهم آش عمل الأفراد في إطار المجموعة لم يعد ذا أهمية.

كما درس أش أيضا تأثير الحاضرين في مسألة الامتثال للمجموعة، واتضح أنه عندما يكون هناك شخص واحد موجود مـع الشخص الخاضع للاختبار،لا يكون هناك أي تأثير له في إجابات ذلك الشخص الذي يخضع للتجربة، ويكون هناك تأثير طفيف عندما يوجـد شخصان معه، ولكن إذا كان عدد الموجودين يكون ثلاثة أو أكثر فإن النتيجة تختلف تماما.
وقد اكتشف اش أن الامتثال للمجموعة يتزايد عندما يصبح التمييز بين الخطوط أكثر صعوبة، وذلك نظرا إلـى التشابه الشديد بينها في الطول، ويوضح لنا هذا الأمر أن الفرد عندما لا يكون متأكدا من شيء ما ، تزيد احتمالية امتثاله لما يراه الآخرون، وكلما كانت المهمـة أكثر صعوبة، زادت احتمالية الامتثال للمجموعة.

وقد اكتشـف أش أيضـا أن الامتثال للمجموعة ينخفض بصـورة مذهلة، عندمـا يكـون هناك شخص من بيـن المساعديـن يعطي الإجابة الصحيحة مع استمرار بقية المجموعة في إعطاء الإجابة الخاطئة (لم يمتثل للمجموعة سوى نسبة تتراوح بين 5 و 10% من مجموعة الأشخاص الخاضعين فعليا للاختبار). ويبين لنا هذا الأمر أن الدعم الاجتماعي يمكنه أن يلعب دورا رئيسيا في مقاومة الامتثال للمجموعة.


أفكار متعلقة بالامتثال للمجموعة.

وعندما انتهت التجربة، سئـل الأشخاص الخاضعون للاختبـار عن السبب الذي جعلهم يوافقون بقيـة المجموعة فيما قالـوه، وكان جوابهم غالبا هـو أنهم كانوا يعرفون أن الإجابـة خاطئة، ولكنهم لم يكونوا يرغبون في المجازفة بالتعرض للتهكـم مـن بقية المجموعـة، وهناك آخرون أجابـوا بأنهم كانوا يرون أن إجابة  المجموعة كانت صحيحة.

فما الذي تخبرنا به تجربة اش عن الامتثال للمجموعة؟ يحدث الامتثال للمجموعة لسببين رئيسيين:
  • السبب الأول هو الرغبة في التاقلم مع المجموعة، ويعرف هذا الأمر بالتأثير الاجتماعي المعياري.
  • السبب الثاني هو التأثير المعلوماتي، حيث يعتقد الفرد أنه لابد من أن تكون أجابة المجموعة علما وفهما منه.
وكلا هذيـن السببين قد تكون له تأثيرات قوية في الاشخاص الموجودين ضمـن المجموعـات، وفي حيـن أن هناك كثيرا مـن علماء النفس الذين شككوا في إمكانية وجـود تأثير للمجموعة فـي تصور الفرد جاء آش ، وقام بتجربته الشهيرة، ما جعل العالم يفهم مدى التغير الذي قد يطرأ على تصور الفرد بفعل الضغوط الخارجية.












تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق