أخر الاخبار

تجارب هاري هارلو علي قرود الرايزيسي

Harry Harlow, CC0, via Wikimedia Commons
رفض 
هارلو فكرة أن العلاقة الأولى بيـن الأم والطفل تقوم ببساطة على إرواء العطش والحصول على الطعام وتجنب الألم، واستخدم قرود الرابزيسي حديثة الولادة لإجراء تجارب، حاول من خلالهـا أن يصف الحب ويعمل على تحديده، حيث كان يرى أن صغار قرود الرايزيسـي أكثر نضجا من أطفال البشر، كما أنها تشابه معهـم إذ يمكنها أن تعبر عن عدد من الانفعالات، كما أنها تحتاج الي الرعاية الكاملة والحصول علي الغذاء.

وفـي واحدة من أشهر تجـارب هارلو قام بإيجـاد اثنتين من الأمهات لقرود الرايزيسي حديثة الولادة كي تختار القرود من بينهما؛ حيث كان قد أخذ مجموعة من القرود حديثة الولادة من امهاتها بعد ساعات من الولادة، ووضعها على الفور مع امين غير حقيقيتين، فكانت الأم الأولى مصنوعة من القماش، ولم يكن لديها طعام تقدمه إلى القرود حديثة الولادة، أما الأم الأخرى فكانت مصنوعة من الأسلاك ومعها زجاجة بها طعام للقرود.

Harry Harlow, CC0, via Wikimedia Commons

وقـد اكتشـف هارلـو أن القرود حديثة الولادة قضت بعض الوقت مع الأم المصنوعة من الأسلاك من أجل الحصول على ما يكفي من الطعام، وبمجرد أن حصلت على الطعام تركتها لتستمتع بقضاء وقتها في معانقة الأم المصنوعة من القماش، وأثبتت النتائج أن القرود لم تكن تتبـع احتياجاتها الفسيولوجية فقط، وأن الرابط بين الأم وطفلها لا يمكن اختزاله في الحصول على الرعاية والطعام والشراب فحسب.

ثم قام هارلو بتقسيم القرود إلى مجموعتين: المجموعة الأولى ستقضي الوقت مع الأم المصنوعة من القماش فقط، وأما المجموعة الثانية فسوف تقضي الوقت مع الأم المصنوعة من الأسلاك فقط، وقد شربت القرود في كلتا المجموعتين الكمية نفسها من الشراب، ونمت بالمعدل نفسه، لكن كانت هناك فروق أساسية في سلوكيات كلتا المجموعتين، حيث تبين لـ هارلـو أن تلك الاختلافات كانت نتيجة وجود ارتباط عاطفي بين القرود والأم المصنوعة من القماش، وهو الأمر هو الأمر الذي لم بحدث مع القرود التي أقامت مع الأم المصنوعة من الأسلاك.

فالقرود التي كانت تقضي وقتها مع الأم المصنوعة من القماش كانت تهرول إلى أمها طلبا للأمان، عندما كانت الضوضاء تسبب لها الفزع وكانت تلك القرود تتواصـل مـع أمها إلـى أن تشعر بالهدوء، أمـا القرود التي كانت تقضي وقتها مع الأم المصنوعة من الأسلاك، فكانت تسقط على الأرضية وتهتز إلى الأمام وإلى الخلف ويمسك بعضها ببعض وتصرخ لدى تعرضها للفزع، وقد لاحظ هارلو أن هـذه السلوكيات التي ظهرت على القرود التي تقضي وقتها مع الأم المصنوعة من الأسلاك تشبـه سلوكيات الأطفال المصابين بالتوحد، وتحاكي سلوكيات البالغين المحتجزين في المصحات النفسية.

وقـد أتبع هارلو تلك التجارب بمزيد من الممارسات غيـر الرحيمة، ولكي يتأكد هارلو من صحة المثل القائل: "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي مطلقا" فرض على قرود الرايزيسي عزلة تامة خلال الأشهر الثمانية الأولى من حياتها، وكان ذلك يعنـي أن القرود لن تتواصل مـع غيرها من القرود أو مـع أي نوع من الأمهات البديلات، فأدت تلك الاختبارات إلى ضرر بالغ على المستوى الانفعالي لتلك القرود، وبعد أن تم اختبار القرود في الفترات المختلفة التي يمكنها فيها أن تعيش دون أم توصل هارلو إلى أن الحرمان من الأم يمكن إلغاء تأثيره شريطة ألا يستمر لمدة أطول من تسعين يومـا بالنسبة إلى القرود، أوستة أشهر بالنسبة إلى البشر.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق