
Steve Jurvetson, CC BY 2.0, via Wikimedia Commons
من هو فيليب زيمباردي؟
ولد فيليب جورج زيمباردي في الثالث والعشرين من
شهر مارس عام 1933 في مدينة نيويورك، وهو من عائلة ايطالية كانت هاجرة من
صقلية بسبب تمدد الحكم النازي، وفي عام 1954 حصل على درجة البكالوريوس من كلية
بروكلين، حيث تخصص في علم النفس وعلم الاجتماع وعلـم الإنسان، ثم التحق بجامعة
ييل، حيث حصل على الماجستير في علم النفس عـام 1955، ثم الدكتوراه في علم النفس
عام 1959.
وبعـد أن عمل بالتدريس في جامعة بيل فترة وجيزة، عمل أستاذا لعلم النفس في
كلية الاداب والعلوم بجامعة نيويورك حتى عام 1967، ثم قضى بعد ذلك عاما في
التدريس بجامعة كولومبيا، وفي عـام 1968 أصبح عضوا بهيئة التدريس في جامعة
ستانفورد، وظل بها حتى تقاعد عام 2003 (وإن كان قد ألقى فيها محاضرته الأخيرة
عام 2007)، وفي جامعة ستانفورد ظهر أهم أعماله وأكثرها تأثيرا، الذي يعرف
بتجربة سجن ستانفورد التي أجريت عام 1971.
وفي حين أن تجربة سجن ستانفورد كانت هي أشهر أعمال زيمباردو، لكنه
أجـرى عددا من الأبحاث عـن البطولة والخجل وسلوك الطوائف الدينية، كما ألف ما
يزيد على خمسين كتابا، وقد انتخب زيمباردو رئيسا للجمعية الأمريكية
لعلم النفس عام 2002، وهو مؤسس مشروع الخيال البطولي. ويهدف المشروع إلى
تحفيز السلوك البطولي، وفهم سبب التوجهات الشريرة لدى البعض، والتوجهات
البطولية لدى البعض الآخر.
الجوائز التي حصل عليها:
-
حصل علي الميدالية الذهبية لمؤسسة علم النفس الأمريكة في عامة
2012.
-
حصل علي درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة SWPS في وارسو عام
2011.
-
منح جائزة ايجا نوبل الساخرة وذلك عن القرير الذي كتبه بعنوان
"الشخصيات البسيطة الفريدة للسياسيين".
تجربة سجن ستانفورد
في عام 1971 أجرى فيليب زيمباردو تجربة تهدف إلى فهم السلوك التعسفي
داخـل السجون، وإدراك الآلية التي يمكن للمواقف من خلالها أن تؤثر في السلوك
الإنساني، ومن هنا فقـد طرح هذا السؤال: ما الذي قد يحدث إذا سلب الشخص كرامته
واستقلاليته؟ وكانت الإجابة هي تجربة سجن ستانفورد سيئة السمعة، وهي من أكثر
التجارب التي أجريت في مجال علم النفس دلالة.
حيث قـام زيمباردو وفريقـه بتحويل الدور الأرضي لقسم علم النفس في جامعة
ستانفورد إلى سجن مزيف، ونشر زيمباردو إعلانًا في الجرائد المحلية يطلب
فيه أشخاصا للمشاركة في التجربة، ويعرض 15 دولارا في اليوم مقابل العمـل على
دراسة تستغرق أسبوعيـن، وتم اختيار أربعة وعشرين رجلا من بين مـن تجاوبوا مع
الإعلان، ممن لا يعانون آيـة مشكلات عقليـة أو انفعالية، وكان معظمهم ينتمي
إلـى ذوي البشرة البيضاء مـن الطبقة الوسطى، وبعدها جرى تقسيمهم عشوائيا إلى
مجموعتين، على أن يؤدي اثنا عشر شخصا دور السجناء، ويؤدي الباقون دور حراس
السجن أما زيمباردو فكان الدور المنوط به هو دور مدير السجن.
أرتداء الزي الرسمي
ارتـدى حراس السجن زيـا عسكريا موحدا، وارتدوا النظارات الشمسية (لمنع
التواصل البصري) ، وأعطي كل واحد منهم هراوة لاستكمال الشكل المطلوب لهذا
المنصب، أمـا السجناء فقد ارتدوا قبعـات من القماش وثيابـا غير مريحة، ولم
يرتدوا ملابس داخلية ولم يسمح لهم بأن يتنادوا بأسمائهم بل بأرقام هويتهم،
كما تم تقييد إحدى ساقي كل منهم بسلسلة كإشارة إلى أنهم سجناء، ولـم يكن في
زنزاناتهم سـوى مرتبة وأطعمة عادية.
وقبل إجراء التجربة طلب من السجناء أن يعودوا إلى منازلهم وأن ينتظروا
التعليمات، وعندما عادوا إلى منازلهم باغتتهم دون أي تحذير قوات الشرطة المحلية
( التي كانت قد اتفقت مع زيمباردو على التعاون معه في هذه التجربة)
ووجهت إليهم تهمة السطو المسلح، ثم تليت عليهم حقوقهـم القانونية وأخذت
بصماتهـم والتقطت الصور الجنائية لهـم، ثم جرى تجريدهـم من ملابسهم وتفتيشهم
ووضعهم في زنزانات السجن التي سيمكثون فيها مدة أسبوعين، ووضع كل ثلاثة منهم في
زنزانة واحـدة، وطلب منهم أن يمكثوا في الزنزانة طوال الليل والنهار، أما حراس
السجن فلـم يكن عليهم أن يمكثوا فـي السجن بعد انقضاء نوبة العمل الخاصة بهم،
وكانت لهم سلطة مطلقة في إدارة السجن بالطريقة التي يرونها، باستثناء أمر واحد،
وهو عدم استخدام العقاب البدني.
نتائج التجربة
تـم إيقـاف تجربـة سجن ستانفورد بالقـوة بعد ستة أيام فقط مـن الأسبوعين
المقررين لها، حيث استخـدم السجناء الموجودون في الزنزانة رقم 1 المراتب
الخاصة بهم لسد الأبواب، وتطوع حراس السجن من نوبات العمل المختلفة لقمع
الشغب، واستخدموا طفايات الحريق في مواجهة السجناء، ثـم قـرر حراس السجن بعد
ذلك إنشاء "زنزانة مميـزة"؛ لكي يحصل فيها السجناء الذين يشاركوا في أعمال
الشغب على مكافات خاصة، كالطعام عالي الجودة مثلا، ولكن على الرغم من ذلك رفض
السجناء الموجودون في "الزنزانة المميزة" تناول الطعام، وظلوا متضامنين مع
زملائهم من نزلاء السجن
وبعـد ست وثلاثين ساعة تقريبا من بدء التجربة، أخذ السجين الذي يحمل رقـم
8612 يصرخ بشدة مستخدما السباب وخرج عن السيطرة بصورة تامة، إلى الحد الذي
جعل زيمباردو يرى أنه ليس أمامه سوى أن يطلق سراحه.
وبدأ حراس السجن يعاقبون السجناء بجعلهم يكررون ارقامهم الخاصة وبإجبارهم على
التمارين، وحرمانهم من المراتب التـي كانو ينامون عليها، فلم يكون أمامهم
خيار سوى النوم على الأرضية الخرسانية الباردة والصلبة، ثم حل حراس السجن
استخدام المرحاض إلى ميزة تتـاح فقط لمن يمتنع عن الشعب وأدخلوا الزنزانات دلوا
يقضي فيه السجناء حاجتهم، بدلا من الحمام، كما جعلوا السجناء ينظفون المرحاض
بأيديهم العاريـة وذلك في محاولة لإذلالهم، بل إن بعضهم أجبر على التجرد من
ملابسه تماما.
وقد ظهرت الميول السادية لدى ثلث حراس السجن، بل إن زيمباردو نفسه قد
انغمس في دور مدير السجن، وفي اليوم الرابـع أشيـع أن السجين الذي تم إطلاق
سراحه سـوف يعود لتحرير بقيـة السجناء، فقام زيمبـاردو والحراس
بنقل السجن إلى طابق آخر، وانتظـر زيمباردو في الدور الأرضي حتى إذا عاد
ذلك السجين، يخبـره بأن التجربة قد انتهت في وقت مبكر، ولكـن السجين لم يظهر
مرة أخرى، فتمت إعادة السجن مرة أخرى إلى الطابق الأرضي.
وجيء بسجين جديد طلب منه أن يضرب عن الطعام اعتراضا على المعاملة التي يتعرض
لها زملاؤه من السجناء، ولكن بقية السجناء نظـروا إليه باعتباره مثيرا للشغ،
بدلا من أن يعتبروه ضحية، فوضعه الحراس في الحبس الانفرادي، وخيـروا بقيـة
السجناء لإخراجـه مـن الحبس الانفرادي شريطة أن يسلموا أغطيتهم، ولكنهم قرروا
ألا يسلموا الأغطية باستثناء سجين واحد من بينهم.
بـل مـن المثير للدهشة، أنـه لـم يكـن من بينهـم مـن يرغب فـي الخروج من السجـن
مبكرا حتى انه عندما جـرى إعلامهم بأنهم قـد لا يحصلون على المال نظير اشتراكهم
في التجربة إذا لـم يخرجوا من السجن فـي وقت مبكر الا انهم أيضا رفضوا أن
يخرجو، وهنـا استنتج زيمبـاردو أن السجنـاء قـد تقمصـوا أدوارهم
وتكيفوا معها، وبعد ستة أيام من بداية التجربة حضرت إلى السجن إحدى الخريجات
وحاورت السجناء والحراس، ولكنها صدمت مما رأته، وهو الأمر الذي حدا بـ
زيمباردي إلـى أن ينهـي التجربة، فقد لاحـظ أنها الزائـرة الوحيدة
التي شككت في مدى أخلاقية التجربة من بين خمسين زائرا زاروا المكان.
وتعتبر تجربة سجن ستانفورد إحدى أهم تجـارب علم النفس وأكثرها إثارة للجدل،
ولا يمكن تكرار هذه التجربة وفقا للقوانين الأخلاقية الحالية لجمعية علم النفس
الأمريكية؛ لأنها تخالف الكثير من المعايير الأخلاقية المعروفة حاليا، ومع ذلك
فقد نجح زيمباردو في إظهار مدى تأثر السلوك بالموقف الذي يوضع فيه الشخص، وهناك
الكثير من الأمثلة الواقعية التي تبرهن على تجربة "سجن ستانفورد"، بمـا فيهـا
الإسـاءات التـي تعرض لـهـا السجنـاء فـي أحـد السجون فـي دول مثل كوريا
الشمالية.